فصل: من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

في قوله تعالى: {ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك} استعارة تمثيلية المراد منها عصمته صلى الله عليه وسلم من الوزر حيث لا وزر، فشبّه حاله وهو ينوء تحت ما يتخيله وزرا وليس بوزر بحال من آداه الحمل الثقيل وبرح به الجهد والحر اللافح فهو يمشي مجهودا مكدورا يكاد يسقط من ثقل ما ينوء بحمله فوضع الوزر كناية عن عصمته وتطهيره صلى الله عليه وسلم من دنس الأوزار، ونقول في إجراء هذه الاستعارة شبّه حاله بحال من آده الحمل وكلله العرق وبرح به الجهد حتى إذا انحطّ عنه الحمل تنفس الصعداء وانزاحت عنه الكروب والأهوال بجامع أن كلا منهما مجهود مكروب مما يحمل يتبرم به ويتذمر منه ويربو أن ينحطّ عن كاهله ثم استعير التركيب الدال على حال المشبّه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية والقرينة حالية. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة ألم نشرح:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{العسر} في الموضعين واحد، لأن الألف واللام توجب تكرير الأول، وأما يسرا في الموضعين فاثنان، لأن النكرة إذا أريد تكريرها جئ بضميرها أو بالألف واللام، ومن هنا قيل «لن يغلب عسر يسرين» والله أعلم. اهـ.

.قال حميدان دعاس:

سورة الانشراح:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[سورة الشرح: آية 1]

{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صدرك (1)}
{أَلَمْ نَشْرَحْ} الهمزة حرف استفهام وتقرير ومضارع مجزوم بلم والفاعل مستتر {لَكَ} متعلقان بالفعل {صدرك} مفعول به والجملة ابتدائية لا محل لها.

.[سورة الشرح: آية 2]

{وَوَضَعْنا عَنْكَ وزرك (2)}.
{وَوَضَعْنا} ماض وفاعله {عَنْكَ} متعلقان بالفعل {وزرك} مفعول به. والجملة معطوفة على ما قبلها.

.[سورة الشرح: آية 3]

{الَّذِي أنقض ظهرك (3)}.
{الَّذِي} اسم موصول صفة {وزرك} {أنقض} ماض فاعله مستتر {ظهرك} مفعول به والجملة صلة.

.[سورة الشرح: آية 4]

{وَرَفَعْنا لَكَ ذكرك (4)}.
{وَرَفَعْنا} ماض وفاعله {لَكَ} متعلقان بالفعل {ذكرك} مفعول به. والجملة معطوفة على ما قبلها.

.[سورة الشرح: آية 5]

{فَإِنَّ مَعَ العسر يسرا (5)}.
{فَإِنَّ} الفاء حرف استئناف و(إن) حرف مشبه بالفعل {مع} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر إن المقدم {العسر} مضاف إليه {يسرا} اسم إن المؤخر والجملة مستأنفة لا محل لها.

.[سورة الشرح: آية 6]

{إِنَّ مَعَ العسر يسرا (6)}.
توكيد للآية السابقة.

.[سورة الشرح: آية 7]

{فَإِذا فرغت فانصب (7)}.
{فَإِذا} الفاء حرف استئناف (إذا) ظرفية شرطية غير جازمة {فرغت} ماض وفاعله والجملة في محل جر بالإضافة {فانصب} الفاء رابطة وأمر فاعله مستتر والجملة جواب الشرط لا محل لها وجملة إذا..مستأنفة.

.[سورة الشرح: آية 8]

{وَإِلى رَبِّكَ فارغب (8)}.
{وَإِلى رَبِّكَ} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما {فارغب} الفاء زائدة وأمر فاعله مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها. اهـ.

.فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

قال الزيلعي:
سورة ألم نشرح ذكر فِيهَا حديثين:
1506- الحَدِيث الأول:
عَن ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود «لن يغلب عسر يسرين» وَرُوِيَ مَرْفُوعا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرج ذَات يَوْم وَهُوَ يضْحك وَهُوَ يَقول «لن يغلب عسر يسرين»
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أَنا معمر عَن أَيُّوب عَن الْحسن فِي قوله تَعَالَى إِن مَعَ العسر يسرا قال خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمًا مَسْرُورا فَرحا وَهُوَ يضْحك وَهُوَ يَقول «لن يغلب عسر يسرين» {فَإِن مَعَ العسر يسرا إِن مَعَ العسر يسرا} انتهى.
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَسكت عَنهُ وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّمَانِينَ بِسَنَدِهِ وَمَتنه.
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا يُونُس بن عبد الأعلى ثَنَا أَبُو ثَوْر عَن معمر عَن الْحسن... فَذكره وَهُوَ مُرْسل.
وَمَوْقُوف ابْن مَسْعُود رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق أَيْضا أخبرنَا جَعْفَر بن أبي سُلَيْمَان عَن مَيْمُون بن أبي حَمْزَة عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن ابْن مَسْعُود قال لَو كَانَ العسر فِي جُحر ضَب لتَبعه الْيُسْر حَتَّى يَسْتَخْرِجهُ «لن يغلب عسر يسرين» انتهى.
وَمَوْقُوف ابْن عَبَّاس غَرِيب وَفِيه مَوْقُوف عَلَى عمر رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ فِي كتاب الْجِهَاد أَنا زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب بلغه أَن أَبَا عُبَيْدَة حضر بِالشَّام وَقد تَأَلُّبُ عَلَيْهِ الْقَوْم فَكتب إِلَيْهِ عمر سَلام عَلَيْك أما بعد فَإِنَّهُ مَا نزل بِمُؤْمِن شدَّة إِلَّا جعل الله بعْدهَا فرجا وَ«لن يغلب عسر يسرين» و{يأيها الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا...}إِلَى آخرهَا. انتهى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك قال علي شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ.
وَفِيه مَرْفُوع آخر رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فَقال حَدثنَا احْمَد بن مُحَمَّد ابْن السّري ثَنَا الْمُنْذر بن مُحَمَّد بن الْمُنْذر ثني أبي ثَنَا يَحْيَى بن مُحَمَّد بن هَانِئ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثني الْحسن بن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أَبِيه عَن جَابر بن عبد الله قال لما نزلت {فَإِن مَعَ العسر يسرا إِن مَعَ العسر يسرا} قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «أبشروا لن يغلب عسر يسرين» وَفِيه قصَّة.
1507 – قوله:
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال إِنِّي لأكْره أَن أرَى أحدكُم فَارغًا سَبَهْلَلا لَا فِي عمل دنيا وَلَا فِي عمل آخِرَة. قلت غَرِيب.
وَرُوِيَ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي بَاب كَلَام الصَّحَابَة وَأحمد فِي كتاب الزّهْد ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن الْمسيب بن رَافع قال قال عبد الله بن مَسْعُود إِنِّي لأمقت الرجل أرَاهُ فَارغًا لَيْسَ فِي شَيْء من عمل دنيا وَلَا آخِرَة انتهى.
وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة ابْن مَسْعُود وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الزّهْد لَهُ.
1508- الحَدِيث الثاني:
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من {قرأ ألم نشرح} فَكَأَنَّمَا جَاءَنِي وَأَنا مُغْتَم فَفرج عني»
قلت رَوَاهُ الإمام أَبُو الْفَتْح سليم بن أَيُّوب الرَّازِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي فِي كتاب التَّرْغِيب اُخْبُرْنَا أَبُو الْعَبَّاس احْمَد بن إِبْرَاهِيم بن ترْكَان أَنا أَبُو احْمَد الْقَاسِم بن أبي صَالح ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْحسن ثَنَا شَاذ بن الْفَيَّاض ثَنَا الْحسن بن أبي جَعْفَر عن علي بن زيد بن جدعَان عَن عَاصِم عَن زر قال قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ {ألم نشرح...}» إِلَى آخِره هَكَذَا وجدته مُرْسلا.
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ مُسْندًا من طَرِيق أبي عوَانَة عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن زر ابْن حُبَيْش عَن عبد الله بن مَسْعُود قال سَمِعت الله صلى الله عليه وسلم يَقول... فَذكره.
وَرَوَاهُ ابْن مَرْوُدَيْهِ فِي تَفْسِيره من حَدِيث علي بن زيد عَن زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب قال قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم... فَذكره.
وَرَوَاهُ أَيْضا حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد ثَنَا أَبُو عمَارَة احْمَد بن مُحَمَّد ابْن الْمهْدي ثَنَا مُحَمَّد بن ضوء بن الصلصال بن الدلهمس ثني أبي أَن أَبَاهُ أعلمهُ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم... فَذكره.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ فِي يُونُس. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة ألم نشرح 94:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{وزرك} (2) إثمك..
{إِنَّ مَعَ العسر يسرا} (7) لجعل الرّجا أعظم من الخوف. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها الانشراح:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[سورة الشرح: الآيات 1- 3]

{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صدرك (1) وَوَضَعْنا عَنْكَ وزرك (2) الَّذِي أنقض ظهرك (3)}.
وقوله سبحانه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صدرك وَوَضَعْنا عَنْكَ وزرك الَّذِي أنقض ظهرك} [1، 2، 3] وهذا القول مجاز واستعارة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن ينتهى عظم ذنبه إلى حال إنقاض الظّهر، وهو صوت تقعقع العظام من ثقل الحمل. لأن هذا القول لا يكون إلا كناية عن الذنوب العظيمة، والأفعال القبيحة. وذلك غير جائز على الأنبياء عليهم السلام، في قول من لا يجيز عليهم الصغائر ولا الكبائر، وفى قول من يجيز عليهم الصغائر دون الكبائر. لأن اللّه سبحانه قد نزّههم عن موبقات الآثام، ومسحقات الأفعال، إذ كانوا أمناء وحيه، وألسنة أمره ونهيه، وسفراءه إلى خلقه.
وقد استقصينا الكلام على ذلك في باب مفرد من كتابنا الكبير.
فنقول: إن المراد هاهنا بوضع الوزر ليس على ما يظنه المخالفون من كونه كناية عن الذنب، وإنما المراد به ما كان يعانيه النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور المستصعبة، والمواقف المخطرة في أداء الرسالة، وتبليغ النذارة، وما كان يلاقيه عليه السلام من مضار قومه، ويتلقّاه من مرامى أيدى معشره. وكلّ ذلك حرج في صدره، وثقل على ظهره. فقرّره اللّه سبحانه بأنه أزال عنه تلك المخاوف كلها، وحطّ عن ظهره تلك الأعباء بأسرها، وأذاله من أعدائه، وفضّله على أكفائه، وقدّم ذكره على كل ذكر، ورفع قدره على كل قدر، حتى أمن بعد الخيفة، واطمأنّ بعد القلقة. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الشرح:
سورة الانشراح امتداد لسورة الضحى. والاستفهام الذي بدئت به تكملة للاستفهام المتتابع الذي ختمت به السورة السابقة. وشرح الصدر تم بما أفاء الله عليه من علم وأدب، كما قال في موضع آخر {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما}. لقد نشأ في بيئة ممتدة الظلام، بل إن العالم كله كان فاقد الرشد تعصف به وثنيات عفنة، فعلام يعتمد ناشد الحق أو من أين يستمد؟ إن متنه يكل من ثقل الحمل، لولا أن الله اصطفى وأنعم {ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك..} والتوحيد الذي جاء به محمد طراز نقى فريد لا تناقض فيه ولا وهم، لا تجسيد ولا تعديد! وقد تسأل: لم إذا انضمت الشهادة لمحمد بالرسالة إلى الشهادة لله بالوحدانية؟ إن التوحيد الذي يعلمه محمد، هو الذي يعرفه النبيون كلهم أزلا وأبدا ولم يبلغوا غيره، فمجيئه عن طريق محمد إشارة إلى أنه من مصدر مصون منزه، ولذلك قال حسان بن ثابت وضم الإله اسم النبي إلى اسمه- إذا قال في الخمس المؤذن: أشهد!! وهذا معنى {ورفعنا لك ذكرك} صحيح أن الناس في أوروبا مثلا يكذبون محمدا!! وينسبونه إلى الادعاء! وم إذا تنتظر ممن يجحدون الألوهية ويحسبون الأفلاك تدور وحدها في السماء، أو أن الدماء تنطلق وحدها في العروق؟! إن الافتراء على الله فوق الافتراء على عباده، ولذلك يقول الله لنبيه: {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون}. ويوصى الله نبيه بالتجلد والمصابرة في ملاقاة الكذابين مهما اشتد أذاهم، فالمستقبل للحق ورجاله. {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}. وهذا التركيب يفيد- في قواعد البلاغة- تعدد اليسر وانفراد العسر، ولذلك قالوا: «لن يغلب عسر يسرين». ويوصيه مرة أخرى بالدأب على الجهاد والإقبال على الله. فإذا انتهى من واجب نهض إلى غيره، لا مكان في حياته لفتور! {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}. إن الدين الذي جاء به محمد إذا أخبر صدق، وإذا حكم عدل. والعالم- لاسيما في عصرنا- بحاجة إلى الصدق والعدل، فإن الهراء والجور يطاردان الحق والعدل. {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}. والدعاة وراء أمامهم خاتم الأنبياء ينبغى أن يعوا ذلك..اهـ.